السابع من أكتوبر ملحمة النصر الفلسطيني
السابع من أكتوبر هو يوم خالد في ذاكرة النضال الوطني، يوم سطر فيه الأحرار أروع ملاحم البطولة في سبيل الحرية والانتصار على الصهاينة، إنه تاريخ أعلن للعالم ضعف المحتل الغاشم أمام إرادة الشعوب العربية الصامدة، في هذا اليوم المجيد كُتبت رسالة نضالية عظيمة تقول: “الوطن لا يليق إلا بالأحرار”، والمواطن الحر لا يقبل الضيم أو الاستسلام، بل يرفع راية الحق ويضحي بروحه من أجل أرضه وكرامته، فالسابع من أكتوبر هو يوم انتصار الأبطال الأحرار الذين واجهوا المحتل الصهيوني بشجاعة لا تُضاهى، وسطروا بدمائهم الطاهرة صفحة ناصعة في سجل الكرامة والعزة.
يقول المناضل العربي عمر المختار “صاحب الحق يعلو، وإن أسقطته منصة الإعدام” تمثل درسًا خالدًا في الشجاعة والكرامة، هذا المبدأ العظيم تجسد في رجال غزة الذين لم ينحنوا ولم يتراجعوا أمام جبروت المحتل الصهيوني، فاستغلوا الفرصة ليحققوا ضربة موجعة ضد آلة الاستعمار، هذه الضربة لم تكن فقط في وجه المحتل، بل كانت ضد قوى الغرب المستعمرة التي تدعم الصهاينة وتغض الطرف عن ممارساتهم الهمجية، لقد أظهروا للعالم أن العربي الحر لا يقبل العيش في ظل الظلم والقهر، وكشفوا زيف الخطابات الرنانة عن حقوق الإنسان التي يتشدق بها الغرب، بينما تصمت المنظمات والمؤسسات الدولية أمام المجازر والاعتداءات الصهيونية، يبقى صوت الحق العربي صامدًا، ويناضل من أجل الحرية والكرامة.
السابع من أكتوبر كان يومًا غير العالم، يومًا أرخ لأبشع عملية إبادة جماعية في العصر الحديث، حيث اجتمعت فيه قوى غربية عدة، تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية، لتقدم دعماً غير محدود للصهاينة بأحدث أسلحة الدمار الشامل، تلك الأسلحة لم تُستخدم في الحروب العادلة، بل وُجّهت ضد الأبرياء، ضد الأطفال والنساء والرجال في غزة، مشاهد الرعب والدمار كانت تفوق كل تصور، حيث سقط أكثر من أربعين ألف شهيد في مذبحة يندى لها جبين الإنسانية، إنها جريمة لا يمكن نسيانها، جريمة وصمة عار في تاريخ العالم الحديث، وتاريخ الأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين قدما الغطاء للمحتل ليمضي في مشروع إبادة الشعب الفلسطيني، صمت العالم كان مؤلماً فمؤسسات العدالة التي تدعي الدفاع عن الحقوق وقفت عاجزة أمام مجازر طالت كل ما هو حي، لتبقى هذه الحادثة شاهدة على وحشية الظلم العالمي.
ما حدث في غزة كان مأساة إنسانية تفوق الوصف، حيث غطت سماء المدينة الظلم والاستبداد والشر من مشاهد القتل التي لم يفرق بين صغير أو كبير، بين منزل أو مدرسة أو مستشفى، الأطفال انتزعوا من أحضان أمهاتهم، والنساء كن يركضن في الشوارع محاولات النجاة بأرواحهن وأرواح أحبائهن وسط الأنقاض والدمار، مشاهد الدمار الشامل، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، جسدت حجم الألم الذي عاشته غزة، حين باتت بيوتها ركاماً وجثث الضحايا تملأ شوارعه، أصوات البكاء والنحيب كانت تتداخل مع أصداء الانفجارات، وكأن المدينة كلها تصرخ في وجه العالم الذي ظل صامتاً، لقد كانت غزة مسرحاً لمجزرة لا ترحم، ودفع أهلها الأبرياء ثمناً باهظاً لجرائم لا يمكن أن يغفرها التاريخ.
التاريخ لن يغفر أبداً لكل من تواطأ أو دعم الصهاينة في جريمة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، في وقت كان العالم يتغنى فيه بحقوق الإنسان والعدالة، كان الفلسطينيون يُبادون بصمت عالمي، ولكن ما هو أشد مرارة من هذا الصمت، هو خذلان العرب لشعبهم الفلسطيني، لم تكن الكلمات تكفي ولا الشجب والاستنكار قادرين على إنقاذ حياة الآلاف من الأبرياء، لقد عاشت الأمة العربية في مرحلة من الضعف والهوان، حيث لم تحرك ساكناً في مواجهة أكبر مذبحة في العصر الحديث، هذا التاريخ سيظل وصمة عار في تاريخ العرب، مرحلة لن ينساها التاريخ أبداً، فقد كانت لحظة صمت مخزية أمام ألم ودماء أهل غزة.
السابع من أكتوبر سيظل علامة فارقة في ذاكرة النضال العربي، ليس فقط لأنه سجل فيه الأحرار انتصارهم ضد الصهاينة، بل لأنه كشف عن عمق معاناة الشعب الفلسطيني وعن خذلان العالم والعرب لهم. إنه يوم جسّد قوة الإرادة العربية الحرة في مواجهة الظلم والاستبداد، وأثبت أن الفلسطينيين رغم كل التحديات لن ينحنوا أو يستسلموا، هذا اليوم هو شهادة على الشجاعة والتضحية، وعلى النضال المستمر من أجل استعادة الأرض والكرامة، ستظل دماء الشهداء التي روت أرض غزة في هذا اليوم مصدر إلهام للأجيال القادمة، تحمل رسالة واحدة واضحة: النضال من أجل الحرية لن يتوقف، مهما طال الزمن، ومهما خذل العالم.