عُمان… تعتنق الإنسانية

تسير سلطنة عمان كدولة ذات سيادة وطنية على الطريق الذي وضعه جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – في التصدي للتحديات التي يواجهها العالم. وتستند السلطنة في هذا المسار على دعم القوى الوطنية من جانب الشعب العماني، الذي يرفض الظلم والاستبداد، ولهذا السبب نقف اليوم متحدين ومتماسكين، نسير بخطى ثابتة خلف القيادة الحكيمة لجلالته – أعزه الله – متمسكين بوصية السلطان الخالد قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه-:

(وأن تكونوا له السند المتين والناصح الأمين، معتصمين دائما تحت قيادته بوحدة الصف والكلمة والهدف والمصير، متجنبين كل أسباب الشقاق والتناحر والتنابذ والتناحر، عاملين بقوله تعالى: “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” صدق الله العظيم.(

لذا تمضي عمان بقوتها السيادية وعزة القيم والمبادئ الوطنية العليا في دعم القضية الفلسطينية، والمطالبة بوقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة، كما تعمل عمان على المطالبة بمحاسبة مرتكبي الجرائم الحربية، والتصرفات الوحشية التي تؤدي إلى قتل الأبرياء من الأطفال والنساء، وتدمير المدن والقضاء على كافة أشكال الحياة، واستمرار هذا العدوان دليل على حجم الصمت الدولي في مواجهة أفعال الصهاينة، وتغييب المنظمات الدولية في القيام بواجبها في تأمين حقوق الإنسان والتي طالما أوهمت الناس بشعاراتها الزائفة بأنها تحميها، وما يحدث في غزة يشكل برهانًا ودليلًا على سقوط هذه المنظمات أمام أفعال الكيان الصهيوني.

وقد أخذت القضية الفلسطينية مساحة واسعة لدى الحكومة العمانية بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله – والذي أكد في خطابه على حقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة حمايته من التعرض للعدوان الإسرائيلي الغاشم، والحصار الجائر الذي يمنع الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم وحريتهم:

“إننا إذ نُتابعُ بِكُل أسى ما يتعرضُ له الأشقاءُ في فلسطينَ المحتلةِ، من عدوانٍ إسرائيليٍّ غاشمٍ، وحصارٍ جائرٍ؛ لَنُؤكّدُ على مبادئِنا الثابتةِ لإقامةِ الدولةِ الفلسطينيةِ وعاصِمَتُها القُدسُ الشرقيةُ، ومؤكدين على ضرورةِ تَحَمُّلِ المجتمعِ الدوليِّ مسؤولياتِه والتزاماتِه اتجاهَ القضيةِ الفلسطينيةِ، والمسارعةِ في إيجادِ حلولٍ جذريةٍ لتحقيقِ آمالِ الشعبِ الفلسطيني في إقامةِ دولتِه المستقلةِ، وبذلك يَعُمُّ السلامُ في منطقتِنا ويَنعمُ العالمُ أجمعُ بالأمنِ والأمان”.

يأتي هذا الخطاب السامي في مرحلة حرجة من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، مظهرًا جميعَ الأعمال الهمجية والوحشية التي ينفذها هذا الكيان ضد الأبرياء، والذي يأتي بدعم من عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والمانيا، وإيطاليا، بالإضافة إلى عدة دول أخرى، مما يبرز طريقة التعامل مع قيمة الإنسان العربي في نظر هذه الدول، ويُظهر هذا المشهد كيف يتم قتل الأبرياء وتدمير بلدانهم باستخدام أدوات حربية محظورة دوليًا، ولكنها مباحًا طالما كانت تستهدف الفلسطينيين.

وأمام هذه الصمت من المجتمع الدولي، تسعى الحكومة العمانية بجدية للتعبير عن المطالبات الإنسانية بوقف هذه الحرب الهمجية ومحاكمة الجناة والذين ساهموا معهم في قتل أكثر من عشرين ألف فلسطيني، بما في ذلك أكثر من اثني عشر ألف طفل، في مشهد يعد أحد أكثر المشاهد إجراميةً في العصر الحديث.

في سياق التحولات العالمية والتناقضات الدولية في قضايا حقوق الإنسان، يبرز الاعتداء الذي تشنه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على اليمن مثالاً واضحًا على تناقضات التعامل مع القضايا الدولية والإنسانية، ويبرز هذا الحدث كمشهد يكشف التحديات في معالجة هذه القضايا وفقًا للأطر الدولية والقوانين الشرعية، كما يظهر مدى السعي من قبل هذه الدول لحماية الكيان الصهيوني ومصالحه في المنطقة، وذلك عبر حمايتها في عدة جبهات.

ويعكس هذا الإهمال الدولي توجيه الاهتمام نحو المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية، خاصة مع تواصل الدعم العسكري واللوجستي للكيان الصهيوني من قبل بعض الدول المشاركة في هذه الأزمة، وتتجلى الرغبة في حماية الكيان الصهيوني ومصالحه في المنطقة من خلال استمرار الدعم السياسي والعسكري للإجراءات التي تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، هذا يلقي الضوء على انقسام الأولويات الدولية وعلى الحاجة الملحة لتحقيق توازن بين المصالح الاستراتيجية واحترام حقوق الإنسان في مثل هذه الأزمات الإنسانية.

في ظل هذه الأحداث المتسارعة تقف عمان شامخة ومتمسكة بمبادئها السياسية الخارجية والداعية إلى وقف العدوان على أي بلد عربي؛ لذا جاء بيان الخارجية العمانية يستنكر ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من الاعتداء على اليمن، وشن الهجمات الحربية التي قد تؤدي إلى مزيد من الضحايا اليمينين، مما يزيد من جراح اليمن الذي يعاني لأكثر من اثني عشر عاما من الحروب وتبعاتها.

في خضم هذه الصراعات الدولية والانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان في مناطق عدة، مثل: غزة واليمن، تظل عمان قوية وثابتة، متمسكة بمبادئها الراسخة في الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي، ويعكس هذا التمسك قوة واستقلالية الحكومة العمانية بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق-حفظه الله ورعاه- الذي حرص على التأكيد في عدة خطب على تضامن سلطنة عمان مع القضية الفلسطينية ودعمها للأمن والاستقرار في اليمن، وتبرز هنا الإرادة الوطنية القوية التي تمتلكها عُمان في التصدي للتحديات الإنسانية والأمنية، وتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، ويظهر تأكيد جلالته -أعزه الله- على دعم الأمن والاستقرار في اليمن ووقوف عُمان إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة كرسالة إنسانية عن التزام السلطنة بقيم العدالة والسلام الدوليين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *