الابتكار والإبداع من منظور إسلامي ودوره في تربية المتعلمين

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ” بَدِيعُ ٱلسَّمَوَاتِ وَٱلأرضِ وَإِذَا قَضَى أَمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ”.  البقرة ١١٧ ويقول: ” بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّى يَكُونُ لَهُۥ وَلَد وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَة وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡء وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيم”. الأنعام (١٠١)

بديع اسم من أسماء الله الحسنى ورد مرتين في القرآن الكريم؛ معناه: المبدع، فهو الذي أبدع السماوات والأرض فأنشأهما على غير مثال أو نموذج سابق، وهو البادئ المنشئ المحدث.

لا شك أن الخلق يبدعون، ولكنه إبداع بقدر معلوم في ضمن ما خلق الله تعالى، فالإبداع الملتزم المنضبط مطلب بشري ضروري. ومن توسيع الله على عباده توسيعه أن يفتح للعباد آفاق الإبداع وأن يحرك عقولهم ومواهبهم وملكاتهم في دروب من الابتكار والاختراع بتفعيل ذلك في مجالات الحياة المختلفة.

لهذا يجب علينا أمة القرآن أن نكون سباقين للإبداع والابتكار؛ لأن ديمومة الحياة أن تكون مباركًا أينما كنت أي منتجًا ومغيرًا للأفضل، قال تعالى: “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّا”. مريم (٣١) 

ويذكرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بضرورة الإبداع – المشروع وفق الضوابط- في قوله عليه الصلاة والسلام: “من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها… ” أخرجه مسلم

 وانطلاقًا من فهم هذه النصوص الشرعية، وإيمانًا بضرورة الإبداع في جميع مجالات حياتنا لا سيما تلك التي تسهم بشكل مباشر في بناء الإنسان وتكوين شخصيته؛ سيتم تسليط الضوء عبر هذه النشرة التربوية على محاور أساسية تعين المعلم والمعلمة على تنمية مهارتي الإبداع والابتكار لدى طلبتهم.      

التفكير الإبداعي هو أسلوب يستخدم في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار حول المشكلة التي يتعرض لها (الطلاقة الفكرية) وتتصف هذه الأفكار بالتنوع والاختلاف (المرونة) وعدم التكرار أو الشيوع (الأصالة).

مكونات التفكير الإبداعي

أولاً: الطلاقة:

القدرة على توليد عدد كبير من البدائل، أو المترادفات، أو الأفكار، أو المشكلات، أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين والسرعة والسهولة في توليدها وهي في جوهرها عملية تذكر واستدعاء اختيارية لمعلومات أو خبرات أو مفاهيم سبق تعلمها. من أنواعها: الطلاقة اللفظية، والفكرية، والتعبيرية، والارتباطية.

 ثانياً: المرونة

القدرة على تغيير الحالة الفعلية بتغير الموقف. كسلة الفواكه تجمعها صفة واحدة ثم تفرقها أخرى كالطعام والألوان، فكلما زادت القدرة على تنويع الفئات زادت القدرة على المرونة.

 ثالثًا: الأصالة

الجدة والحداثة والقدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الاستجابات غير العادية، غير المباشرة، وغير الشائعة. وذلك بسرعة كبيرة، شرط أن تكون مقبولة ومناسبة

مُسلمات:

  • جميع الأطفال مبدعون بطبيعتهم إلى حد ما.
  • بعض الأطفال أكثر إبداعًا من الآخرين.
  • بعض الأطفال أكثر إبداعًا في بعض الجوانب عن الأخرى.
  • المعلم قد يكون سبب في اندثار الإبداع.
  • الإبداع والابتكار ليس بالضرورة الإتيان بجديد فقط إنما هو تقديم القديم بصورة جديدة أو غير مألوفة.
  • تنمية التفكير الإبداعي لا تتقيد بسن معين، ولكن تحفيزها منذ الصغر هو الأسلوب الأكثر إيجابية.

عوامل نجاح المعلم في التفكير الإبداعي

  • الاستماع للأطفال
  • احترام التنوع والانفتاح
  • تشجيع المناقشة
  • تشجيع التعلم النشط
  • تقبل أفكار الأطفال مهما كانت
  • إعطاء وقت كافي للتفكير
  • تنمية ثقة الأطفال بأنفسهم
  • إعطاء تغذية راجعة إيجابية

أساليب تعينك للتعرف على الإبداع

  • توفير فترة زمنية حرة مع توفير الأدوات والمواد في متناول الطلبة وملاحظتهم: من الذي يتعب أو يمل بسرعة أو ينتقل فجأة من شيء لآخر، ومن الذي يندمج بعمق في التعامل مع الأدوات ومن يستخدمها بطريقة غير متوقعة.
  • طرح أسئلة تسمح بحرية التعبير عن الآراء والأفكار.
  • الانتباه للصفات التي تميز المبدعين وتعد مؤشرات للتعرف عليهم، مثل:
  • مظاهر عامة في الإدراك والتفكير بحدة السمع وحساسية الألوان والثراء اللفظي.
  • الحماس لما يقوم به والتركيز عليه.
  • تنظيم الأفكار وإدراك العلاقات والمعاني التلقائية.
  • تنوع عناصر الرسم داخل فراغ الصفحة.

أساسيات لتنمية الملكات الإبداعية لدى الأطفال

  • اتباع النهج النبوي في تأديب الصغير وتربيته والتعامل معه (ابحث عن هذه القصص: يا غلام سم الله/ ما بال النغير/ يا غلام أتأذن لي).
  • مراعاة طبيعة الطفل: فلكل طفل طبيعته وصفاته؛ فلا تقارن طفلك بالآخرين.
  • الإيجابية في التفاعل مع الطفل.
  • احترام عقل الطفل وتجنب السخرية منه.
  • مراعاة الخط الفاصل بين التشجيع الذي يعد من مقومات النجاح وبين المبالغة فيه لدرجة الدلال فذلك يخلق الغرور والتراخي.
  • إبعاد الطفل قدر الإمكان عن النزاعات الأسرية.
  • التنسيق والتواصل بين المدرسة والبيت.

استراتيجيات تنمية التفكير الإبداعي

العصف الذهني

تعد من الاستراتيجيات الفاعلة في تطوير الإبداع عند الطلبة وتتضمن إنتاج معلومات جديدة تتميز بالأصالة مع التركيز على نوع الأفكار والنتاجات التي تتصف بالغزارة وعدم المحدودية والانفتاح. قوانينها: استبعاد النقد للأفكار – تشجيع الدوران الحر – استبعاد الأفكار العادية- الاهتمام بكم الأفكار- الربط بين الأفكار وتطويرها.

نموذج سكامبير

يستعمل في تفعيل التفكير باستخدام أسئلة تطرح حول موضوع أو ظاهرة وهذه الأسئلة تمثل مدخلات النموذج التي يعتمد عليها في إجراء عمليات الاستدلال والاستقراء والاستنباط والتصنيف والتنظيم، أما المخرجات فتتمثل بإجابات الطلبة، والتي منها تستخلص الأفكار التي تستخدم في بناء منظومة معرفية متكاملة عن الموضوع المطروح وهي تمثل التفكير الإبداعي.

أداء المعلم داخل القاعة الصفية

  • التعرف على السمات الإبداعية للطلبة وقدراتهم واكتشافها.
  • تعليم الطلبة الحل الإبداعي للمشكلات.
  • توفير الجو المناسب الذي يسوده القبول والجذب.
  • إتاحة الفرص للتعبير الحر التلقائي في مجالات الأنشطة.
  • تدريب الطلبة على الحداثة والمرونة من خلال وضعه في مواقف تعين على ذلك.
  • تقديم عدد كبير من الأنشطة التي تشجع التفكير الإبداعي.
  • استخدام التقويم بهدف التشخيص وليس إصدار الأحكام النهائية.
  • تقديم المثيرات الفنية والفاعلة في بيئة متنوعة.

البيئة الصفية المساعدة

  • مرونة الوقت: بما يضمن النظر لحال الطلبة في أداء أنشطتهم بطريقة فعالة ومنتجة.
  • المساحات الكافية: لاستكمال الأعمال وأدائها في أحسن صورة.
  • توفير الخامات والمواد: اللازمة للإنتاج وإبراز الخيال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *