“آنستُ ظلًّا” للشاعرة رقيَّة الحارثيّة.. قصائد تخاطب الذات وتنحاز للإنسانية

مسقط في 24 يونيو/العُمانية/ تتلمَّس الشاعرة رقية بنت عليّ الحارثية في مجموعتها الأخيرة “آنستُ ظلًّا”الصادرة حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” خُطى الروح، فتمزج قصائدُها بين الحب والتجليات الصوفية في العلاقات الإنسانية مع المحيط والعالم الخارجي.

وتبدأ الحارثيّة في المجموعة التي جاءت في 142 صفحة،بخطاب إلى الذات في محاولة للتصالح معها، والاحتفاء بالطفولة التي ما زالت تسكنها رغم السنين. وتقول:

“إلى رُقيَّة

الذاكِرة المُصابَة بالحَنينْ

روزنة الأحلام

الطِّفلة التي ملأتْ قَفيرَ فَرْحتها منْ حاراتِ القابلِ ذاتَ قَيْظ”.

وتأتي مفردة الحب في الديوان ذات دلالات متعددة، ففي نص بعنوان “تقلُّص” نقرأ للشاعرة:

“وكُنَّا نرى في الحُبِّ خُوذَةَ فارِسٍ

بِهِ نتَّقي الخِذْلانَ

جُرْحاً مُنقَّبا!”.

وفي نصّ آخر بعنوان “سحَّارة” تقول:

“محشوَّةٌ بالحُبِّ

لمْ يُغْرزْ بِها

رغمَ الشظايا رعْشَةُ الخَيباتِ

لا شيءَ يحتَطِبُ الشُّعورَ

تواتَرَتْ لُغةُ الصَّفاءِ العذبِ كالآياتِ

سَحَّارةُ الحُبِّ المُزيَّنِ بالعَطا

قلبٌ يمدُّ الحَقْلَ في الحُجُراتِ”.

وتتنوَّع أشكال الرمز في المجموعة لتشمل ما يتصل بالوطن والتضحية والموت والغياب وأسئلة الوجود، ففي قصيدة “البكاء الأخير” تقول الشاعرة:

“يقولُ: سَيَمْضي

هذا العَراءُ الكثيفُ سيَمْضي

هذا العَناءُ العنيدُ سيَمْضي

سألبَسُ أنْبوبةَ الغازِ وحْدي

وأبْتَكِرُ الأغنياتِ الجميلةَ

تسْقُطُ في أضْلعي واحدةً واحِدةْ

سأخْبِرُ كلَّ الرِّفاقِ عنِ الوَطَنِ الحُرِّ فوقَ السَّماءِ

وعنْ نوْرَسٍ قد غَفا مُطمئِنًّا على كَتفيّ

صَحا فجأةً

لكي يَنْقُرَ الأمنياتِ الكثيرة

ويَصْنَعَ مِنْ ضِحْكَتي مائِدةْ!”.

وتتناول الحارثية في قصائدها الاحتلالَ ومقاومته، إذ نقرأ في قصيدة “انتظار دائري”:

“ودونَ اكْتِراثٍ

مرَّ بالقُدْسِ غادِرٌ

تعرَّى من المعْنى

وأزْهَقَ ملْمَحَهْ!

يُلوِّثُها بالليْلِ

يحرثُ حقْلها رصَاصًا

فيأتيهِ الشَّهيدُ ليفْضَحهْ!”.

كما تصب الشاعرة اهتمامها على البعد الإنساني انطلاقاً من الشعور بحجم المعاناة التي يعيشها اللاجئون والمهجَّرون من أوطانهم، كما نجد في قصيدتَيها “طفولة مرمية في المخيم” و”على وشك العطب” التي تقول فيهما:

“بأي اتِّجاهٍ سوْفَ يُرْمى مُجَدَّدًا

وقِرْبَتُهُ

بالمُسْتَحيلِ تُحَدِّثُ؟!

يفرُّ إلى سَقْفِ الخَيالِ

لعلّهُ مِنَ الجُوعِ يَنْجو

في عُرى النُّورِ يَلْبَثُ

ويَرْجُفُ مِنْ فرْطِ الشَّتاتِ

وليسَ في جوانِبِهِ ماءٌ

بِهِ يَتَشَبَّثُ!”.

كما تتضمن القصائد موضوعات وقضايا تتصل بالأمومة والرثاء، ويظهر جليًّا توظيف قصص القرآن والاقتباس من مفرداته وإسقاط ذلك على الواقع.

يُذكر أن الحارثية صدر لها سابقًا “قلب آيل للخضرة” (2020) الذي فاز بجائزة إبداعات المرأة الخليجية، و”متكأ” (2022).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *