عُمان: كرامة إنسان ووحدة أرضه

منذ بداية التاريخ كانت هذه الأرض تكتب ملامح انتصاراتها ووحدتها، حيث ترابط أبناء شعبها مع ترابها في ملحمة تاريخية تجسد وحدة الأرض والصف والمصير، إذ شكلت عُمان كياناً متماسكاً غاب عن فهمه الآخرين، وعجزوا عن فك طلاسم العلاقة الخالدة بين الإنسان وعُمان، هذه العلاقة ظلت ثابتة وصامدة عبر العصور، متحدية التيارات التي حاولت اعتراض مسار الوحدة أو المساس بها، مما زاد من عمق الملحمة العمانية التي تعبر عن الوحدة المصيرية الثابتة والمرابطة على مدى التاريخ.

فالتاريخ يشهد بأن الوحدة الوطنية لم تكن مجرد شعار يرفعه العمانيون، بل هي أسلوب حياة وقيمة راسخة تتجسد في تصرفاتهم اليومية، يظهر ذلك في التضحيات التي قدمها الأجداد في سبيل حماية الأرض وصون كرامتها، فالتضامن والتلاحم بين أبناء الشعب العماني يعكس إدراكهم العميق لأهمية الوحدة في تحقيق التنمية والازدهار، فالأرض بالنسبة للعماني ليست مجرد مكان يعيش فيه، بل هي جزء لا يتجزأ من هويته ووجوده، ففي كل مناسبة وطنية يتجدد الولاء والانتماء، وتتجسد الروح الوطنية في أبهى صورها، مما يعزز من قوة الوطن ويعمق من صمود وحدته.

والوحدة الوطنية التي يؤمن بها الإنسان العماني نابعة من التلاحم والتضامن بين المواطن والأرض، وهي قائمة على علاقة مشتركة ترتكز على المصالح الوطنية العليا، والتي تأتي في مقدمتها أمن واستقرار هذا البلد، وتعتبر هذه المصالح من الخطوط الحمراء التي يحرم الاقتراب منها أو محاولة النيل من سيادة الوطن وأرضه ووحدته، لذا يقف العماني بحزم في سبيل تحقيق هذه الأهداف، مؤمناً بأن الوحدة الوطنية هي واجب على كل مواطن وفرض ينبغي القيام به وتحقيقه.

فالأزمات والتغيرات الحديثة والمكايد التي تُحاك ضد الدول، ومحاولات المساس بوحدتها وسيادتها، هي واقع لا يمكن إنكاره، ما شهده الوطن العربي خلال العقدين الماضيين دليل واضح على أن الإجرام بحق وحدة الدول وأمنها واستقرارها يتم تدبيره من قبل مؤسسات ومنظمات، وربما دول معادية تسعى لضرب الوحدة الوطنية وزعزعة الأمن والاستقرار، ودفعها إلى حروب داخلية ودمار لا نهاية له، فالأحداث التي وقعت في بعض الدول العربية لم تأتِ بحجة الحريات والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، بل كانت بهدف تدمير تلك البلدان وجعلها تعيش في اضطرابات مستمرة وصراعات لا نهاية لها، والهدف من هذه المخططات هو تفكيك الأمة العربية وضرب أركان صمودها وثرواتها ومواردها الطبيعية والبشرية، وجعلها أمة ضعيفة متفرقة في قرارها السياسي والاقتصادي، لذا علينا أن ندرك أن المساس بالوحدة الوطنية أمر مرفوض، وتقويض راحة المواطن والمقيم وأمنه واستقراره هو أمر محرم يتم التعامل معه بحزم من قبل الجهات المختصة التي تؤمن بأن تلك الأفعال لا يمكن قبولها.

إننا ندرك حقيقة مهمة في التعامل مع المستجدات اليومية، وما يحدث من وقائع إجرامية قد تمس أمن البلد واستقراره، ما يقوم به بعض رواد شبكات التواصل الاجتماعي من نشر مقاطع الفيديوهات أو الأخبار غير الصحيحة قد تؤثر سلباً على العمليات التي تقوم بها الجهات الأمنية، وقد يتم نشر هذه المحتويات في وكالات الأنباء العالمية مما يؤثر على العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد. لذا ينبغي أن يدرك كل مواطن ومقيم أن استخدام التقنية يجب أن يكون إيجابياً وليس بهدف الإضرار بالجوانب الأمنية في البلد، ويأتي دور المسؤولية الرقمية كجزء لا يتجزأ من الوحدة الوطنية، ويتعين على الجميع توخي الحذر عند مشاركة المعلومات عبر الإنترنت والتأكد من صحتها ومصدرها قبل النشر، لذا ينبغي على كل مواطن ومقيم أن يكون عند المسؤولية ويمتلك الوعي الذي يؤهله لعدم الانجراف خلف نزعات شبكات التواصل الاجتماعي، أو محاولة السبق في نشر الخبر، ومن واجب كل فرد في المجتمع أن يستخدم التقنية بشكل إيجابي ومسؤول، وألا يسهم في نشر الفوضى أو الإضرار بأمن البلد.

فالمحافظة على الوحدة الوطنية تتطلب من الجميع سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، التحلي بالوعي والمسؤولية تجاه التحديات التي تواجه البلاد، والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الخارجية، ويجب أن يتكاتف الجميع من أجل الحفاظ على هذا الكيان المتماسك، والعمل سوياً لضمان مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة، فالوحدة الوطنية ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي ممارسة يومية تتطلب التعاون والتضامن والتفاني من أجل حماية الوطن والحفاظ على مكتسباته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *