المعتبر كتاب فقهي للإمام الكدمي
مسقط في 19 أغسطس /العُمانية/ في أعماق المكتبات العُمانية، حيث تتراكم الحروف وتتشابك الأفكار، تكمن جوهرة فقهية نادرة تحمل اسم “المعتبر”. هذا الكتاب، الذي ألفه الإمام محمد بن سعيد بن محمد الكدمي في القرن الرابع الهجري، ليس مجرد مجموعة من الأحكام الشرعية، بل هو رحلة معرفية شيقة في عالم أصول الدين والفقه الإباضي.
“المعتبر” هو نتاج جهد عميق للإمام الكدمي، حيث قام بشرح وتفصيل كتاب “جامع ابن جعفر”، معرجًا على تحليل المسائل واستخراج النظائر. اسم الكتاب ذاته يحمل دلالة عميقة، إذ يشير إلى عملية التفسير والتوضيح التي قام بها المؤلف. وكما يقول الإمام الكدمي في مستهل كتابه : “قد اعتبرنا معاني هذه الآثار”.
هذا الكتاب لم يقتصر على الجانب النظري، بل تجاوز إلى التطبيق العملي، حيث تبين فيه المؤلف آليات الاستنباط الفقهي، مستخدمًا منهج الاستقراء الذي كان رائدًا في عصره. وقد أثنى عليه العلماء اللاحقون، منهم الإمام عبد الله بن حميد السالمي الذي وصفه بأنه “تمسك بهذا الطريق (يعني طريق الاستقراء)، وقد اعتنى به واعتمد عليه في مواضع كثيرة”.
على الرغم من أهمية هذا الكتاب، إلا أنه للأسف فقدت أجزاء منه، إلا أن ما تبقى من الكتاب كافٍ ليكشف لنا عن عمق فكر مؤلفه ودقة تحليله.
“المعتبر” ليس مجرد كتاب فقهي، بل هو شهادة على عراقة الفكر الإسلامي في عمان، وعلى قدرة العلماء العمانيين على الإبداع والابتكار في مجال الفقه وأصول الدين فهو مصدر مهم في دراسة التخريجات الفقهية عند الإباضية، وفيه مادة غنية بالقواعد الفقهية والمقاصد الشرعية. وهو ثاني شرح معروف الجامع ابن جعفر، بعد شرح أبي محمد عبد الله بن محمد بن بركة البهلوي (ق: ٤ هـ / ١٠م). وقد وضعت عليه دراسات علمية متعددة.
