الولاء التنظيمي لدى المعلم العماني أنماطه ومؤشرات قياسه
الولاء التنظيمي سمة مهمة وفاعلة في منظومة العمل التربوي والتعليمي يُساعد في توجيه المعلم العماني نحو تجويد ممارسات التدريس والتواصل المجتمعي والانتماء الوظيفي، وهو حالة وجدانية وقوة داخلية تكمن في داخل المعلم، تحرك سلوكه ومعارفه ومهاراته ودوافعه نحو الارتباط والانسجام والاندماج مع المدرسة التي يعمل فيها راغبًا في الاستمرار في العمل لصالحها، ومكرسًا معظم طاقاته ومجهوداته من أجل تحقيق أهدافها، والمحافظة على قيمها وثقافتها، والوصول بها إلى أعلى تقدير.
وينقسم الولاء التنظيمي لدى المعلم العماني إلى عدة أنماط تختلف وتتباين بحسب طبيعة كل محافظة ومنطقة فهناك الولاء الاجتماعي، والولاء العاطفي، والولاء الأخلاقي، والولاء المادي أو المستمر. وتعتمد أنماط الولاء التنظيمي العُماني على طبيعة القيادات والممارسات والاستراتيجيات الموجهة للعمل أيضا، ويشير ولاء النمط العاطفي إلى ارتباط المعلم بالمدرسة من خلال تشجيعه وإدماجه في تنظيم الاحتفالات وبرامج المدرسة واستقبال الضيوف وتقديمه للتحدث أمام الزملاء واستشارته والثناء عليه في الإذاعة المدرسية ومشاركته في النواحي الإنسانية وتقدير ظروفه الصحية وحالته الاجتماعية وتواجد أبنائه في نفس المدرسة.
ومن الأنماط التنظيمية في المجتمع العماني نمط الولاء الاجتماعي والذي يُعنى بانتماء المعلم إلى جماعة المدرسة باعتبارهم وحدة متكاملة ينسجم معها بالخروج من الجو الرسمي إلى أجواء المناسبات الاجتماعية كالإفطار الجماعي لجماعة المادة الواحدة، ومشاركة المعلمين مناسبات الأفراح والعزاء خارج المدرسة، وإدماج المعلمين في تجمعات السفر ومناسبات الغداء الجماعية خارج المبنى المدرسي.
والولاء الأخلاقي ويشير هذا النوع إلى مقدرة المؤسسة على إيجاد قيم جميلة وعادات نبيلة ومشاركة المعلم في تقاسم مصالح ومتاعب المدرسة، والتوزيع العادل لحصص الاحتياط والمناوبة وزرع المبادئ الفاضلة في المدرسة التي تساعد على استمرار المعلم في العمل دون النظر إلى المكاسب المادية البحتة، ويسهم هذا النوع من الولاء في تبني المعلم لمجموعة من أخلاقيات المهنة وتوليها في المدرسة، وقد يجد المعلم العماني نفسه كثيرا في هذا النوع من النمط نظرا لطبيعته الفاضلة وفطرته السليمة، وأخلاقه وعاداته النبيلة التي نشأ عليها.
وقد تُساهم بعض الأنماط كنمط الولاء المستمر إلى ارتباط المعلم بالمدرسة من خلال جنيه بعض المكاسب المادية التي يوفر بها بعضا من أموره المادية والتي تساعده على الارتباط بالمدرسة بطريقة مباشرة أو غير مقصودة كقرب المدرسة من منزله ووجود حوافز مادية مشجعة، وارتياحه في المبنى المدرسي، والسماح له بالخروج من المدرسة أحيانا، وقرب الفصول الدراسية من مكتبه ومناسبة الجدول المدرسي له، ومنه أيضًا تواجد حضانة في نفس المدرسة ترعى أبناء المعلمات.
ويمكن قياس مستوى أداء المعلم العماني وولائه التنظيمي بعدة معايير منها: مقارنة أدائه في المدرسة بأداء معلمين في مدارس أخرى داخل السلطنة، ومقارنة أداء المعلم في المدرسة العمانية بمدارس دول أخرى، كما يمكن قياسه بمعايير معنوية وذلك بقياس معتقداته وشعوره وأحاسيسه تجاه المدرسة، ويقاس أيضا بمعايير ترتبط بمقدرته على حل المشكلات التي تواجه المدرسة، ويمكن قياس ولائه بمعايير بحثية مقننة وذلك للتعرف على اتجاهه وولائه نحو المدرسة ودرجة انتمائه لها.
ويمكن قياس الولاء التنظيمي للمعلم العماني والاستدلال عليه من عدة مؤشرات عاطفية واجتماعية وأخلاقية ومنها قياس شعوره بمكانة المدرسة في نفسه ودفاعه عن قيم المدرسة، وقوة ارتباطه بالطلبة، وإحساسه بأهمية نجاح المدرسة، وملاحظة شعور استيائه من التأخر في تدريس المنهاج بسبب الإجازات التي تتوسط العمل، ويكون المعلم مثاليًا في ولائه عندما تكون مشكلات المدرسة جزءًا من مشكلات حياته الخاصة، ويكون أكثر مثالية في ولائه عند ملاحظته وهو سعيد ومبتهج في المدرسة.
ومن الولاء أن نراه مستمرًا ومصرًا على عدم نقله من المدرسة إلى مدرسة أخرى والمعلم الأكثر ولاء يقاس بامتلاكه لأهداف عالية الأداء تقوده ليستمر في نفس المدرسة ولا يترك مهنة التدريس إلى مهنة أخرى لفضل ومكانة التدريس في قلبه فتجده لا يميل إلى التقاعد، ويرى أن استمراره في المهنة عامل محفز له، ويتعامل مع ضغوط العمل بالبحث والتفكير في الحلول والمقترحات ويشعر بأن تكيفه مع عمل آخر غير التدريس سيكون صعبًا ومملًا.
وعلى قائد المدرسة أن يصنف المعلمين داخل المدرسة بحسب نمط الولاء التنظيمي الذي ينتمون إليه ليزيد من إمكانية تفاعلهم وولائهم ويضع مؤشرات تقيس كل نمط لمعرفة النمط السائد داخل المدرسة من أجل تعظيم فرص بقاء المعلمين لأكبر فترة ممكنة داخل المدرسة ويزيد من فرص الولاء التي تجعلهم يشعرون بأن المدرسة بيت ثان لهم فهم يمارسون فيه القيم والعمل التربوي النبيل.