المواطن العماني: السياج الحصين للوحدة الوطنية
في خضم الصراعات والاختلافات والحروب التي يشهدها هذا العالم وتضارب المصالح الاستراتيجية، تقف عُمان صامدة وفق سياستها الخارجية الثابتة في دعم القضايا العربية ضد الظلم والاستبداد، والمطالبة بتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإيقاف الحرب الصهيونية على غزة. أكثر الحروب ضراوة في العصر الحديث، يقابله تجاهل العالم وصمته أمام الإبادة التي يقوم بها الصهاينة ضد الأطفال والنساء والأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي ظل هذه الأزمات تأتي حادثة الوادي الكبير لتوقظ الحس الوطني لدى أبناء الشعب العماني، في حادثة خارجة عن إطار الوحدة الوطنية.
هذه الوحدة الوطنية التي تمثل الركيزة الأساسية لبناء مجتمع مستقر وقوي قادر على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، فالمواطن العماني بوعيه وإخلاصه لوطنه، يشكل السد المنيع أمام محاولات التفرقة وزرع الفتن، ويسعى جاهداً إلى تحقيق التلاحم بين افراد المجتمع بمختلف أطيافهم وفئاتهم، حيث يكون المواطن الواعي مدركًا لأهمية الحفاظ على السلام الوطني والعمل المشترك لتحقيق الأهداف الوطنية.
فالمسؤولية الوطنية التي يتحملها المواطن العماني عظيمة للغاية، فهي تفرض عليه الوفاء بالقسم المقدس الذي قدمه لفداء الوطن والدفاع عنه، والوقوف كحصن منيع أمام التدخلات الخارجية، وتجنب كل ما قد يثير الفتن بين أبناء الوطن، فالتلاحم والتكاتف بين أفراد المجتمع يعززان قدرة الوطن على مواجهة التحديات والمخاطر، فالمواطن الذي يتمتع بالوعي الوطني يدرك أن الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتقدم، ولهذا يسعى دائمًا إلى نشر قيم المحبة والتسامح والتعاون بين جميع أفراد المجتمع.
ففي ظل العالم المتضارب والمتصارع متعدد التوجهات، حيث لا يمكننا التنبؤ بما يُخطط لنا في الكواليس ضد هذا الوطن وأمنه واستقراره، ندرك حقيقة ذلك وعلينا أن نكون أوفياء لهذا الوطن، كما عاهدنا جلالة السلطان هيثم بن طارق _حفظه الله ورعاه_ أن نبقى مخلصين لدعم وحماية عُمان، مستعدين لمواجهة أي تحديات تهدد استقرارها وأمنها، ووفقًا لوصية السلطان قابوس بن سعيد _طيب الله ثراه_ “فإننا ندعوكم جميعًا إلى مبايعته على الطاعة في العُسر واليُسر، والمنشطِ والمكره، وأن تكونوا له السند المتين، والناصح الأمين، مُعتصمين دائمًا تحت قيادته بوحدة الصف، والكلمة، والهدف، والمصير، متجنبين كل أسباب الشقاق والفرقة، والتنديد والتناحر، عاملين بقوله تعالى “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ” صدق الله العظيم. وفقكم الله”.
لذا تبرز الوحدة الوطنية كسلاح الأقوى لعُمان، فالمواطن العماني الواعي لحقيقة هذا العالم، ينبغي أن يتحلى بمستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية، وأن يدرك أن الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتقدم، ولهذا يسعى دائمًا إلى نشر قيم المحبة والتسامح والتعاون بين جميع أفراد المجتمع، فهو السياج الحصين الذي يضمن استمرار الاستقرار والأمان للوطن، ويسهم في بناء مستقبل مشرق لعمان.
عُمان، عبر تاريخها العظيم كانت ولا تزال شامخة كشموخ رؤوس الجبال في الشمال، حيث تطل على مضيق هرمز، وتمتد إلى أقصى الجنوب حيث جبال ظفار المطلة على المحيط الهندي، في هذا الاصطفاف الوطني، يعمل المواطن العماني على تعزيز التعايش السلمي ويغرس في نفسه حُب الوطن العميق، لذا ندرك جيدًا أن هذا الارتباط الوجداني بين الإنسان العماني وأرضه لا يمكن التشكيك فيه أبداً، لقد خلده التاريخ، وسيظل العماني دائماً خنجراً في وجه كل من يحاول المساس بالثوابت الوطنية الراسخة، فالعُمانيون يكرهون الحرب أينما ظهرت؛ فهم يعشقون السلام، والحرية، والاستقلال، ويحبون الصمت، من أراد أن يفك هذه الشفرة وهذا الشموخ عليه بقراءة تاريخهم، ليدرك أنّ هذا الهدوء هو نابع من قوة عظيمة في ذاتهم، هذه القوة متى ما أرادوا استعادتها سيشعلون فتيلها ولكنه فتيل السلام.
فحادثة الوادي الكبير في السادس عشر من يوليو كانت حدثًا استثنائيًا، وقد تعاملت معه الأجهزة الأمنية بكفاءة عالية ومهنية فائقة، وتمكنت من إنهائه في فترة زمنية قصيرة، إلا أن هذه الحادثة تدفعنا إلى مرحلة جديدة من اليقظة والشعور بالأخطار المحتملة التي قد تواجه البلاد في المستقبل القريب. ومن الضروري أن يكون كل مواطن على درجة عالية من الوعي والإدراك في التعامل مع المواقف والأحداث، فنحن جزء من هذا العالم، وعلينا أن نكون أكثر حرصًا وألا نسمح للأفكار الضالة بالتسلل عبر الجدار الوطني. ويجب على المواطن أن يكون حارسًا أمينًا على هذه المكتسبات الوطنية، للحفاظ على الملحمة العمانية التي تمثل مدرسة لتعليم الشعوب الأخرى معنى التسامح والتعايش بين أبناء الوطن.