دراسةٌ تكشف عن أن الأسد البرونزي المجنح رمز مدينة البندقية .. صيني الأصل

البندقية في 22 سبتمبر /إشراق/ في اكتشاف يهدم معتقدات راسخة، كشف باحثون أن الأسد البرونزي الشهير الذي يزين ساحة سان ماركو في البندقية، والذي طالما اعتبر رمزًا للفن الهلنستي القديم، له أصول صينية!

هذا الاكتشاف المذهل، الذي تم الإعلان عنه في مؤتمر دولي حول ماركو بولو، يفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقات بين الحضارات في العصور القديمة. فقد أظهرت التحليلات الكيميائية أن المادة البرونزية المستخدمة في صنع التمثال تتطابق مع رواسب النحاس الصينية القديمة،الموجودة في منطقة نهر اليانغتسي السفلي، وهي المنطقة المعروفة بأنشطتها التعدينية التي تمتد إلى 3000 عام حتى أواخر عهد أسرة شانغ مما يشير إلى أن هذا العمل الفني الفريد قد جلب إلى البندقية من الصين قبل قرون من رحلة ماركو بولو الشهيرة.

ولقد ثبت بالفعل أن التمثال لم يكن من البندقية، وكانت النظريات السابقة تشير إلى مصدر من الشرق الأدنى، وربما الأناضول، من القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد.

قبل هذا الاكتشاف، كانت النظريات السائدة تشير إلى أن الأسد البرونزي له أصول في الشرق الأدنى. ولكن، بفضل التكنولوجيا الحديثة والتحليلات الدقيقة، تمكن الباحثون من تتبع أصول التمثال إلى الصين، حيث كان يُستخدم في الأصل حارسًا لقبر في عهد سلالة تانغ.

وبعد نقله إلى البندقية، تم تعديل التمثال ليتناسب مع التقاليد الفنية المحلية، وتم استبدال قرونه بأذنين مستديرة، وهو مزيج من الأسد والغريفون، وتم اعتباره رمزًا للقديس مرقس الإنجيلي واعتماده رسميًّا شعارًا لمدينة البندقية بين عامي 1261 و1264. ولكن لايزال التاريخ الدقيق لتركيب التمثال في ساحة القديس مرقس غير مؤكد.

ويشير هذا الاكتشاف إلى وجود علاقات تجارية وثيقة بين الصين والبندقية قبل فترة طويلة مما كان يعتقد سابقًا. فقد كانت السفن التجارية تنقل البضائع الثمينة، مثل الحرير والتوابل والخزف، بين الحضارتين، مما أسهم في تبادل الأفكار والتكنولوجيا والفنون.

ويقول الباحث الرئيس في هذه الدراسة البروفيسور ماسيمو فيدال من جامعة بادوا بايطاليا ان هناك حاجة إلى مزيد من البحث في الفخار الصيني الذي يعود إلى ما قبل سلالة مينج والذي تم العثور عليه في البندقية. وهو يعتقد بأن الدراسة المنهجية لهذه القطع الأثرية يمكن أن تركز على نطاق التجارة بين البندقية والصين قبل فترة طويلة من كتابات ماركو بولو.

وتشير قطع الفخار التي اكتُشِفَت في البندقية في أواخر القرن الثالث عشر إلى وجود طرق تجارية قوية تمتد من جنوب الصين عبر الموانئ الرئيسة في سومطرة على طول الساحل الغربي للهند.

وكانت هذه الأواني الخزفية قد سافرت جنبًا إلى جنب مع سلع قيمة أخرى، مثل التوابل والمنسوجات، ويزعم فيدال أن المزيد من التحقيقات يمكن أن تعيد تشكيل فهمنا للدور الذي لعبه التجار الفينيسيون في تسهيل هذه التبادلات. وتشير الأبحاث الحالية إلى عالم أكثر عالمية وترابطًا، حيث عملت التجارة والاستكشاف على صياغة العلاقات بين الشرق والغرب قبل فترة طويلة من كتابة بولو لرواياته الشهيرة.

محمود السعيدي

محرر صحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *