يوم الشباب العماني: احتفاءٌ بطموح الحاضر وصُنّاع المستقبل

يوم الشباب الذي نحتفل به في السابع والعشرين من أكتوبرمن كل عام، ليس مجرد مناسبة تضاف إلى قائمة الأيامالاحتفالية، بل هو وقفة تقدير واحتفاء بالشباب، الذين يحملونمفاتيح المستقبل بين أيديهم. يعكس هذا اليوم قيمة لا تُقدربثمن، متمثلة في طاقة الشباب المتجددة، وعزيمتهم علىالتغيير، وطموحاتهم اللامحدودة. فهم شعلة التقدم ودافعالنمو، وأحلامهم تتجسد في تحديات الحياة اليومية، لتصبحرؤاهم نبراسًا يضيء طريق الأمل والفرص. إنهم مصدرللإبداع والإلهام، وعندما نحتفي بهم، فإننا نحتفي بالعقولالواعدة، التي إذا أُحسنت رعايتها وتوجيهها، فإنها قادرة علىبناء مستقبل زاهر يعج بالإنجازات والابتكارات.

الشباب ليسوا مجرد فئة عمرية، بل هم حالة ذهنية تجمع بينالحماسة والوعي، بين الجرأة المدعومة بالعلم والاندفاعالمدروس. ففي يوم الشباب، نتذكر أن حاضرنا هو ثمرةطموحات الشباب الذين سبقونا، وأن مستقبلنا يعتمد علىشباب اليوم الذين يحملون رؤى الغد. إن الاحتفاء بهذا اليومهو دعوة للتأمل في كيفية توجيه هذه الطاقة العظيمة نحوالصالح العام، وتذكير بضرورة تمكين الشباب؛ ليس فقط عبرالتعليم والتدريب، بل بمنحهم الفرصة ليكونوا قادة، مبتكرين،وأصحاب قرار. فالمجتمعات لا تزدهر إلا بمشاركة شبابهاالفاعل في بنائها وتطويرها.

يوم الشباب هو أيضًا دعوة لتعزيز الحوار بين الأجيال، حيثيتبادل الشباب مع ذوي الخبرة رؤاهم وتجاربهم، فيتحولالشباب إلى قوة متجددة تستند إلى حكمة الماضي وتستشرفآفاق المستقبل. وفي هذا التفاعل، تنشأ الفرص لتوجيهالطاقات الشابة نحو الاتجاه الصحيح، وتقام جسور تربط بينالتجربة والابتكار. فكل فكرة جديدة قد يطرحها الشباب، مهماكانت طموحة، تحمل في طياتها بذور مستقبل أكثر إشراقًا. ولايقتصر تمكين الشباب على توفير الأدوات المادية أو المهاراتالتقنية فحسب، بل يمتد ليشمل إيمان المجتمع العميق بقدرتهمعلى إحداث التحول. عندما يشعر الشباب بالدعم والاحتواء،تتعزز لديهم روح المسؤولية تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم. ويأتييوم الشباب كتأكيد على أن الثقة بقدراتهم هي الخطوة الأولىنحو تحقيق التغيير الحقيقي والنهوض بالمجتمع نحو آفاقجديدة من التقدم.

ومع كل هذا علينا أن نتذكر أن تمكين الشباب ليس مجرد شعار يُرفع في هذا اليوم فحسب، بل هو مسيرة طويلة تتطلب الاستثمار في تعليمهم، وتعزيز مهاراتهم القيادية، وتوفير بيئة تدعم أحلامهم وتسمح لهم بتحقيق طموحاتهم. كما يجب أن يترافق ذلك مع فتح الأبواب أمامهم للمشاركة الفعلية في القرارات المصيرية التي تشكل مجتمعاتهم. إن استمرار الاحتفال بيوم الشباب يجب أن يكون محفزًا لسياسات وطنية تتبنى رؤية عميقة في تمكين الشباب. فمن الضروري أن يتم تعزيز فرص التعليم النوعي الذي لا يقتصر على المعارف الأكاديمية فقط، بل يمتد ليشمل القيم الإنسانية، والتفكير النقدي، والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة. كما يجب أن تكون هناك منصات حقيقية لتطوير المهارات القيادية والريادية، ليفتح الشباب أبوابًا جديدة في مجالات الاقتصاد، والتكنولوجيا، والثقافة، والبيئة.

ولا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه الشباب في مواجهة التحديات العالمية المعاصرة مثل تغير المناخ، والأزمات الاقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية. فهم قادرون على تقديم حلول مبتكرة ومستدامة لهذه المشكلات، فقط إذا تم منحهم الفرصة والموارد. دورهم لا يقتصر فقط على بناء المستقبل، بل على حماية الكوكب من التحديات الملحة التي تواجهه.

ويمثل الشباب نسبة كبيرة من السكان في وطننا العربي، مما يضعهم في قلب الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. إنهم يمثلون القوة الدافعة للتغيير، والطموح نحو حياة أفضل. لذلك، علينا أن نستمع لصوتهم، ونعمل معًا لتطوير السياسات التي تلبي احتياجاتهم، وتحتضن طموحاتهم. يوم الشباب، إذًا، هو أكثر من مجرد مناسبة؛ إنه إعلان عن الإيمان بقدراتهم ودعوة للعالم للاعتراف بدورهم المحوري. إن الشباب حينما تُتاح لهم الفرص، قادرون على تجاوز التوقعات وتحقيق إنجازات عظيمة. فتراهم يبتكرون في عالم الأعمال، ويساهمون في الفنون والآداب، ويقودون حركات مجتمعية تحدث تغييرًا حقيقيًا. وفي كل خطوة يخطونها نحو الأمام، يثبتون أن الإبداع والتجديد لا يعرفان حدودًا.

لذا ينبغي أن نستمر في العمل لبناء بيئة تشجع الشباب على المشاركة في جميع جوانب الحياة. فلا يمكننا بناء مستقبل زاهر من دون إشراكهم وتمكينهم. ولنجعل من يوم الشباب ذكرى سنوية تتجدد فيها التطلعات والطموحات، ومعها العزيمة لتقديم أفضل ما لدينا من أجل دعم هذه الفئة التي تشكل الركيزة الأساسية لأي مجتمع نابض بالحياة. يوم الشباب هورسالة مفتوحة تؤكد أن الحاضر والمستقبل لهم، فهم الجسرالذي يصل بين الأحلام والطموحات وبين الواقع والإنجازات. في هذا اليوم، نوجه لشبابنا رسالة حب وتقدير: أنتم مستقبلناالذي نؤمن به، وأملنا الذي ينبض في كل خطوة تتخذونها نحوالتقدم. لديكم القوة لتغيير العالم من حولكم وتحقيق ماتطمحون إليه. هذا اليوم هو يومكم، وعبره نقول: نثق بكم،وبقدرتكم على تحويل المستحيل إلى واقع. هو احتفاء بالأملوتجديد العهد بأن العالم يتطور ويتجدد بعقول شابة نابضةبالحياة، قادرة على تجاوز التحديات وتحقيق ما كان يومًامستحيلاً. لنكن جميعًا جزءًا من هذا الاحتفال، ولنجعل منهنقطة انطلاق نحو مستقبل قائم على التعاون والإبداع، حيثيكون للشباب دور محوري في صياغته، مستلهمين من تجاربالماضي ومعززين إياها برؤى جديدة تنير دروب المستقبل.

حليمة بنت محمد السعدية

كاتب بمجلة إشراق العمانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *